حادث فيلكا: اختراق إداري و فكري

إن الحدث الأخير في فيلكا دليل بأن أسامة بن لادن قد اخترقنا إداريا و فكريا. فبينما يطمئننا مسئولينا بأن ليس هناك طابور خامس نجد من يهرب الأسلحة إلى منطقة عسكرية و يقتل و يجرح جنود حلفاؤنا. شوه بن لادن فكرنا، إذا حول أفلاذنا الى اعدائنا. كيف تم هذا الحادث و لماذا و كيف الخروج من هذا المأزق؟
فيلكا منطقة عسكرية و الدخول اليها يتطلب تصريح من وزارة الداخلية و الجيش. لماذا تم التهاون بمنح هذه التصاريح للدخول الى الجزيرة؟ فالجيش لا يزال يستعملها كمنطقة مناورات. هذا التهاون بوزارتي الداخلية و الدفاع انما يعكس حالة الإهمال التي تعيشها أجهزتنا الحكومية التي تئن من المحسوبية و ضياع المسئولية. يبدو بأن لا يوجد من هو صادق مع الوزراء أو ان الوزراء لايريدون من يصادقهم.
عندما انهزم الكويتيون الذين قاتلوا مع بن لادن الى الكويت فتح لهم جهاز امن الدولة ملفات. أليس من الواجب التاكد بان هؤلاء لا يذهبوا الى المناطق التي يتواجد بها الحلفاء الامريكان؟ أليس من الواجب ان يستدعوا و يضعوا في مكان آمن، خاصة في الوقت الحالي كما فعلت الولايات المتحدة مع جاليتها اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية؟ أو في أضعف الأحوال أن تكون هناك رقابة مشددة عليهم. أيا من هذا لم يتم بسبب الإهمال أو ما أسوأ من الإهمال.
الإهمال المتعمد أسوأ من الإهمال العادي. فمنذ أن عاد المنهزمين من أفغانستان و مسئولينا يتبارون بالأطراء لهم. أطراء لأرضاء نواب امثال الطبطبائي و الصنيدح. أملا بأن يشمل هذا الرضا السيد جاسم الخرافي رئيس مجلس الامة الذي يعتمد على هذا التيار. فجاسم الخرافي خبير بافشال الاستجوابات و بالتبعية تأمين المستقبل السياسي للوزراء. أما مستقبل الكويت فله الله.
اخترقنا فكريا بن لادن. فمنذ ثلاث سنوات شاهدت برنامج له على قناة الجزيرة يشرح به استراتجيته لاستحواذ أبناء المنطقة. و إذ به يفتح خريطة ديموغرافية لمجتمعات الدول الخليجية. بها عدة شرائح و عدد كل من هذه الشرائح. ويبين بأن هدفه استقطاب الشريحة العمرية بين الخمس عشر سنة و الواحد و العشرين. مبينا بأن هذه الشريحة لم تشغلها أمور الدنيا. إنتابني ذعر لما رأيته و سمعته من هذا المخطط الشيطاني الشرير.
و ذكرني هذا المخطط بتقرير آخر قرأته عن خطط مروجي المخدرات بدول الخليج. فلقد كانت خطتهم استهداف هذا الجيل أيضا لسذاجتهم و لما يملكونه من أموال. طلبت من الله ذلك اليوم ان يشد من أزر أسرنا و أجهزة التوعية لتحمي أبنائنا من هذه السموم. ولكن يبدو أننا فشلنا. فضحايا المخدرات و بن لادن نراهم كل يوم. للأسف فشلت أجهزتنا و اخترقنا بن لادن فكريا.
بعد تعينه كوزير إعلام بوقت قليل أدلى الشيخ أحمد فهد الأحمد بتصريح يقول به بأن دور وزير الاعلام هو تسويق سياسة الحكومة. و بعد ذلك بوقت قليل أيضا صرح بأن وزارته ستوجد قناة فضائية مهمتها إخبارية و برامج حوارية. و عندما سئل إذ ما كان يقلد قناة الجزيرة أجاب الجزيرة هي التي قلدتنا. ولكن ما حدث بعد ذلك؟
تحولت القناة الجديدة لعرض الافلام المصرية و نسينا المهمة الإخبارية. و بعد ذلك كلف الشيخ أحمد بوزارة النفط و كأن ليس هناك أمر مهم بوزارة الإعلام. و الآن نرى الشيخ أحمد في سيؤل يشد من أزر الفرق الكويتية المشاركة بالبطولة هناك. و لقد خسر فريق كرة القدم و من فاز بالميدالية الذهبية أهداها إلى أمير سعودي. و بالكويت نرى جابر الجلاهمة يصرخ بالمعزين بأن أنس و جاسم ماتوا شهداء.
عندما بدأت حرب افغانستان من جراء اعتداء بن لادن على أمريكا وجدت بأن تصريحات مسئولينا تنقصهم الحجة الإسلامية. فأتصلت بالدكاترة الأفاضل عجيل النشمي و خالد المذكور و سئلتهم لماذا لا يساندوا إخواننا الوزراء بالحجج الدينية. و للأسف كانت اجابتهم بأنهم لم يستدعوا. لماذا لا نستفيد من أبنائنا؟ خالد المذكور و عجيل النشمي و محمد شريف عبدالغفار متبحرين بالإسلاميات أكثر من بن لادن و قادرين على الرد على حججه بكل سهولة. ولكن يبدو بأن الوزراء لا يريدون إظهار من هو أمكن منهم خوفا على مستقبلهم السياسي.
يبدو بأن المجتمع الكويتي مع مطلع الثمانينات فقد الرغبة بالتطوير و اكتفي بالمنجزات التي حققها عندما كان سمو الأمير الشيخ جابر رئيسا للوزراء. و خير دليل على هذا أزمة سوق المناخ. سوق انحدر بكل القيم. كان الكل يخدع الكل. و المال لم يأتي من العمل المنتج إنما من الاحتيال و الخداع. فورة مالية أنست الكويتين قيمهم الاصيلة و طبعتهم على قيم سيئة لا ينتج منها إلا الضياع. نسينا أن نعلم شبابنا القيم الصحيحة. كره شبابنا حياة النفاق و ضاعوا. فالضحايا التي يترقبها الذئب بن لادن أو تجار المخدرات كثيرة. و إذا استمرينا على حالة النفاق التي نحن عليها سيقع معظم ابنائنا ضحايا.
لنرجع الى قيمنا الأصيلة. ليكون العمل المنتج هدفنا. لتكون الموضوعية و ليس المحسوبية أسس تقيمنا. ليكون الصدق و المصادقة سمة حوارنا و تعاملنا. لتكن الكويت هدفنا و مرادنا. لنبني كويت المستقبل حيث يكون أبنائها أسود لا خرفان تأكلهم الذئاب.

بقلم : علي جابر العلي
الكويت 12/10/2002

هذا المنشور نشر في مـــقـــالات الكــاتــب. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s