ما حدث لبشار الصايغ و جاسم القامس كان أمر متوقع

ما حدث لبشار الصايغ و جاسم القامس كان أمر متوقع. سببه الجهل بالتكنولوجيا الحديثة و تقاعس السياسيين المخضرمين من إرشاد شباب المدونات. تصرف أمن الدولة غير ﻻئق لمثل هؤﻻء الشباب. و اﻷسلوب الغوغائي الذي تعاملت به جريدتي القبس و الجريدة مع هذا الموضوع أيضا غير ﻻئق. علينا تحكيم العقل و المنطق لنجعل مدونات الكويت راية للعالم الحر.
منذ بضع سنين ظهر لنا برنامج ال Web 2.0. ميزة هذه البرنامج على مثيلة السابق، انه يتيح التعامل بين من يكتب الصفحة و قراءها. و اﻷمثلة على إستعمال هذا البرنامج كثيرة. أشهرها أمازون و ويكيبيديا. ففي أمازون يتاح للرواد كتابة تعليقاتهم على الكتب التي يبيعها الموقع. و في ويكيبيديا ينشر المهتمون عن مواضيع معينة معرفتهم عنها. بل ان الكثير من المشاهير لديهم مواقع ينشرون وجهات نظرهم من خلالها مثل رئيس شركة إنتل و جنرال موتورز.
ولكن عنصر المشاركة طرح تساؤل مهما حول استعمال هذا البرنامج. من هو الذي يشارك برأيه؟ و ما هي مسؤولية صاحب الموقع عما ينشر به؟ فكان هناك ثلاثة أنواع من المشاركات. هناك من ﻻ يسمح للمشاركة إﻻ لمن يعرفهم و يتحمل صاحب الموقع و المشارك مسؤولية رأيهم. و هناك من ﻻ ينشر المشاركة إﻻ بعد الموافقه عليها من صاحب الموقع، مثل موقعي هذا. و هناك من ﻻ يريد ان يشغل باله بهذه الامور فلا يسمح للمشاركة مثل موقع الصحفي الشهير محمد الجاسم.
تعرف الشباب الكويتي على المدونات من خلال زملائهم في أمريكا. و كان إستعمال هذا البرنامج لتبادل المعلومات عن أمور محددة تخصهم. و لذلك كان مجال المشاركة مفتوح للجميع. إذ لم تكن أمورهم أمور خلافية مثل اﻻمور السياسية و القانونية. ولكن مع حركة نبيها خمسة تحولت المدونات الى مدونات سياسية و لم يعي الشباب حساسية المشاركة المفتوحة. حيث ممكن ان يندس بينهم من يريد الفتنة. و برأيي الخاص هذا ما أثار المشكلة التي وقع بها بشار و جاسم.
و ليسمح لي القراء الأفاضل ان أتطرق الى نقاش دار بيني و بين بوصالح المسؤول عن مدونة فريج بوصالح. تقابلنا ذات يوم في المرينا كرسنت و دار الحديث عن المدونات بالكويت. فبينت له بأن هناك الكثير من القضايا القانونية التي انتهت بالمحاكم في ماليزيا و مصر و دول أخرى و عوقب صاحب الموقع بسبب المشاركة الغير مسؤولة. و كان بوصالح شخص فطنا. فغير أسلوب المشاركة بموقعهم. اﻻن ﻻ تقبل أي مشاركة بفريج بوصالح إﻻ بعد قبولهم لها.
ولكن حتى هذا غير كافٍ. فالواجب على السياسين المخضرمين الذين يؤيدون شباب المدونات ان يشرحوا لهم أسس اللعبة السياسية و يبينوا لهم الخطوط الحمراء. و في هذا الصدد ألوم النائب أحمد السعدون و عبدالله النيباري و الدكتور شفيق الغبرا. جلستم معهم و أمتدحتوهم ولكن لم تبينوا لهم الخطوط الحمراء. هذا تصرف خاطيء من قبلكم. أنتم خير من يعرف الخطوط الحمراء من خلال خبرتكم السياسية الطويلة. طوال عملكم السياسي لم تقعوا بالمطاب السياسية. لماذا لما لم توصلوا خبرتكم السياسية لهم؟ شباب المدونات ساندوكم و سيساندوكم فلماذا ﻻ تعطونهم شيء من خبرتكم السياسية؟ هذا تقاعس منكم!
أمن الدولة جهاز تنخر به الواسطات و الجهالة منذ زمن بعيد. تعاملهم مع هذا الموضوع لم يكن بالشكل الصحيح. لماذا لم تذهبوا الى رئيس تحرير جريدة الجريدة و تطلبون منه ان يحضر لكم بشار؟ لماذا لم تذهبوا بلباسكم الرسمي؟ و ما هي العجلة في المجيء بساعة متأخرة من النهار لإلقاء القبض على بشار. فهو ليس إرهابي و لن يهرب بأموال قارون من البلاد. أسلوب العنتريات إن دل فهو يدل على سخافة و صغر فكر القائمين على هذا الجهاز. و أنشأالله ان تكون هذه الحادثة بادرة لتطوير هذا الجهاز الحساس الى اﻻفضل.
أﻷسلوب الغوغائي الذي تعاملت به جريدتي القبس و الجريدة مع هذا الموضوع غير مقبول. إن كان جاسم القامس قد تعرض للضرب كما قلتم فأنشروا الصور. أو أأتونا بتقرير طبي يفيد بذلك. نتوقع أكثر من جريدة القبس. فناصر الخرافي يبني شركة إتصالات عملاقة. و محمد البحر يرئس أكبر بنك بالكويت و يطوره ليصبح من البنوك الكبيرة بالشرق اﻻوسط. و كذلك عبدالعزيز الشايع الذي أسعدنا بأكبر مول بالعالم العربي. الكويت التي تبنونها بحاجة الى الفكر العاقل و الموضوعي لتنموا الكويت و تنموا معها مشاريعكم الخيرة.
ولكن الكويت ﻻ تخلوا من الطيبين. خير ما فعل سمو رئيس الوزراء و وزير الداخلية عندما إتصلوا ببشار. و كم سررت عندما قرأت التصريحات العقلانية للنواب مشاري العنجري و النائب الشاب مرزوق الغانم. لا تتطور الكويت إلا بمثل هذا الفكر.
الكويت بلد رائد من خلال إبداع أبنائه. فالكويت كانت اول بلد عربي يدخل اﻻنترنت. و مع تطور التكنولوجيا الجديدة تكون هناك أخطاء مثل ما حدث مع اﻻخوة بشار و جاسم. و لن أستغرب ان يسامحهم رجل اﻻبتسامة الكبيرة المتطلع لبناء الكويت المتطورة سمو أمير البلاد.

23/8/2007